وأخيراً تجلى ذلك في (المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث) الذي شرفني الإخوة المؤسسون والأعضاء برئاسته، ووظيفته الأساسية هي تفقيه الأقليات المسلمة في أوربا وترشيدها، والإجابة عن تساؤلاتها، والعمل على إيجاد حلول لمشكلاتها الدينية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية وقواعدها. وقد أصدر المجلس مجموعة طيبة من الفتاوى في موضوعات مهمة، وأجاب عن أسئلة كثيرة مطروحة في الساحة الأوربية الإسلامية، كانت تنتظر جواباً من زمن. ولكن هذا النشاط العلمي المتعدد حول الأقليات، كان يحتاج إلى (تأصيل شرعي) يرد الفروع إلى أصولها، والجزئيات إلى كلياتها، ويؤسس القواعد اللازمة لوضع (منهجية علمية) لهذا الفقه، تضبط مساره، وتنظم حركته، وفق مبادئ الشريعة ومقاصدها، الضابطة والحاكمة لفروع المعاملات المختلفة. لهذا كان طلب رابطة العالم الإسلامي فرصة لإيضاح هذه المنهجية، ومحاولة وضع إطار علمي لها، عسى أن يقبله أهل العلم والفكر، أو ينضجوه بالمزيد من الدراسة والمناقشة، ولعل هذه الدراسة الأولية تفتح الباب لمن يعمقها ويوسع آفاقها، ويزيدها نماء وضياء، أو يبدي عليها ملاحظات نافعة وبناءة، فليس في العلم كبير، وفوق كل ذي علم عليم.
[3] واجهت الأقليات المسلمة في أوروبا ألواناً من التحديات انصبت على صراع قديم استغرق عدة قرون وخرجت الدعوة الإسلامية منه بأنصار لها من شعوب شرقها وغربها وجنوبها. وفي مستهل القرن العشرين تغيرت التحديات وتحولت إلى صراع مذهبي، تحدى الإسلام والمسيحية معاً، وتأتي صورة أخرى من غربي أوروبا فمعظم الأقليات المسلمة من عناصر مهاجرة تعيش في بيئة مغايرة. وفي الأمريكيتين لون آخر من التحديات تقوم على اللون أحياناً وعلى الدين أحياناً أخرى، وهكذا تعاني الأقليات من مختلف التحديات مما يجعل القضية تأخد أبعاداً عنصرية. و لكن ذلك لا يعني أن الأقليات المسلمة في أوروبا تعاني من الظلم والقهر وإنما هناك بعض الدول وعن طريق المنظمات الدولية غير الحكومية والتي تعمل في إطار إدماج هذه الفئة من الناس. [3] معلومات غير محايدة [ عدل] البيانات المستمدة عن الأقليات المسلمة قد تعتريها مشكلة الانحياز إما مع أو ضد، فقد تاتي من مصادر لها موقف مضاد من المسلمين فتنحاز إلى البيانات المتحاملة على تلك الأقليات والمقللة من شأنها، كما يمكن أن تأتي هذه البيانات من جهات مسلمة أو متعاطفة مع الإسلام فتنحاز إلى إظهار صورة تلك الأقليات على أنها مغلوبة على أمرها ومتآمر عليها، مع غض النظر عن عيوب تلك الأقليات ومشكلاتها الداخلية.
It's also true that we need to take care of ourselves, collectively and i... Welcome back. Just a moment while we sign you in to your Goodreads account.
[5] ومن بين ما يقرب من 317 مليون مسلم يعيشون كأقليات، يعيش حوالي 240 مليون أي حوالي ثلاثة أرباع الأقليات المسلمة في كل من الهند وإثيوبيا والصين. إذ تتواجد أكبر الأقليات المسلمة في الهند وهي موطن لحوالي 11% من مسلمي العالم، تليها إثيوبيا (1. 8%)، والصين (1. 4%) وروسيا (1%) وتنزانيا (0. 8%). [6] وتضم الأمريكتين وأستراليا وأجزاء من أوروبا على أقليات مسلمة، حيث يعيش أقل من 3% من مسلمي العالم في أوروبا وأمريكا الشمالية. [7] من بين 232 بلداً وإقليماً في العالم، هناك 50 دولة ذات أغلبية مسلمة. ومع ذلك، فإن أكثر من 62% من الأقليات المسلمة، لديهم عدد سكان من المسلمين أصغر من روسيا والصين بشكل فردي. تضم منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على أعلى نسبة من البلدان ذات الأغلبية المسلمة مقارنةً بالمناطق الأخرى. من بين 20 دولة وإقليمًا في المنطقة، هناك 17 دولة ذات أغلبية من المسلمين، مع إستثناء إسرائيل. وبالمقارنة، فإن 12 دولة فقط من 61 دولة في آسيا ، وحوالي 10 دول من 50 دولة في أفريقيا جنوب الصحراء ، ودولتين من أصل 50 دولة في أوروبا ( كوسوفو وألبانيا) ذات أغلبية مسلمة المسلمين. [6] أوضاع الأقليات [ عدل] تختلف التحديات التي تواجهها الأقليات المسلمة بحسب الدول والأقاليم التي تنتمي إليها تلك الأقليات، حيث أن أي أقلية في العالم تتأثر بطبيعة الحال بالأوضاع الاقتصادية والسياسية والثقافية وغيرها من الأوضاع العامة لتلك البلدان التي تنتمي إليها، كما تتأثر أوضاع الأقليات المسلمة كذلك بطبيعة تكوين تلك الأقليات وثقافتها الخاصة، ففي أفريقيا تواجه الاقليات المسلمة ألواناً من التحديات أبرزها صراع الدعوة الإسلامية ضد الوثنية، التي لا تزال دين العديد من القبائل والعشائر الأفريقية، وتبرز على المسرح جهود البعتاث التبشيرية المسيحية التي اتخدت من إفريقيا بؤرة تجمع للانتشار بها منذ 150 عاماً ودعمت بأموال طائلة أعطتها مرونة الحركة، ثم برزت التحديات الماركسية في بعض قطاعات أفريقيا في الأونة الأخيرة.
كمال الإسلام وشموليته جعل الله تعالى الإسلام ديناً كاملاً، ونعمةً تامّةً امتنّ بها على عباده ، حيث قال الله -تعالى- في كتابه الكريم: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) ، [١] وقد اكتسب الإسلام كماله من القواعد والأسس الربانية التي جاء من خلالها، فشكلت تلك القواعد في مجموعها منهج حياةٍ شاملٍ للبشرية كلّها، ومنهجاً يحقق مصالحها، ويهب لمن آمن به واتبعه حياةً طيبةً، تصان في تلك الحياة كرامته، وعقله، وعرضه، وماله، ونسله، ونفسه، وتطهره من كلّ مفسدةٍ، وشركٍ وعصيانٍ، ومن تمام عظمة الدين الإسلامي؛ أنّه جاء متوازناً، لم يطغ فيه جانبٌ على آخرٍ، وأنّه متكاملٌ ليس فيه نقصٌ من إحد الجوانب، فالدين الإسلامي لم يترك رغبةً جسديةً أو روحيةً للإنسان إلّا يسّر لها أفضل السبل الموصلة إلى غايته منها، خاطب الدين الإسلامي الإنسان بجميع ملكاته؛ من جسدٍ، وروحٍ، وعقلٍ، وفكرٍ، وشعورٍ، وشرّع لكلّ عنصرٍ من عناصر المجتمع ما يناسبه، فلم يغفل عن الرجل ولا عن المرأة، ولا عن الغني ولا عن الفقير، ولا عن القوي ولا عن الضعيف، بل عامل كلاً منهم بما يناسبه ويصلح له.